السبت، 11 مايو 2013

ويليام غانونغ: عالم الفسيولوجيا الطبية وأحد أشهر مؤلفي كتبها

بقلم: د.عبدالرحمن أقرع
كلية الطب- جامعة النجاح الوطنية
ولد عالم الفسيولوجيا (ويليام فرنسيس غانونغ) في السادس من حزيران لعام 1924 ميلادية ، ولهذا العام قداسة خاصة في نفسي لكونه ذات العام الذي أبصر فيه والدي -يرحمهُ اللهُ - النور .ويحمل اسمه الأول اسم والده ( ويليام) حيث كان ويليام الأب أو ويليام الكبير من مشاهير علماء النباتات وأستاذاً في كلية سميث .
وقد تخرج ويليام الابن من كلية الطب في جامعة ( هارفارد ) ليعمل بعد ذلك طبيباً في الجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية ، كما وخلال الحرب الكورية التي كان خلالها عضواً في فريق طبي أسس ما عرف في حينه (مركز الحمى النزيفية).
يعتبر غانونغ من مشاهير علماء الفسيولوجيا في القرن العشرين ، وكان من أوائل العلماء الذين بينوا الدور الهام للدماغ في ضبط الوظائف الداخلية للجسم ، واشتهر بشكلٍ خاص في مجال فسيولوجيا الأعصاب والغدد الصماء ، وعمل كالرئيس الخمسين للجمعية الفسيولوجية الأمريكية بين العامين 1977-1978.
وكان غانونغ قد رأس قسم الفسيولوجيا في جامعة كاليفورنيا منذ 1970-1987 وقام خلال تلك الفترة ببناء وقيادة فريق قوي من الباحثين العلميين .كما ورأس جمعية أبحاث الغدد الصماء ورأس تحرير مجلة الغدد الصماء العصبية ( نيورواندوكرينولوجي) وشارك في تحرير مجلات أخرى ذات علاقة بافسيولوجيا الغدد الصماء.
وعبر مسيرته البحثية الطويلة اكتشف علاقة هرمونات الكلية والغدة الكظرية في تنظيم ضغط الدم والتوازن المائي الملحي في الجسم الأمر الذي فتح الباب واسعاً أمام خيارات جديدة لعلاج ضغط الدم . وكان مختبره البحثي من أولى المختبرات التي بدات بدراسة دور ما تحت المهاد الدماغي في تنظيم الهرمونات النخامية المنظمة لهرمونات الغدة الكظرية.
وهو أحد الثلاثة المكتشفين لمتلازمة لون-غانونغ- ليفاين ، والتي هي عبارة عن خلل كهربي يصيب ايقاع القلب.
بيد أن أكثر ما يعرف بهِ غانونغ هو تأليفه لكتاب ( مراجعات في الفسيولوجيا الطبية) ، والذي صدرت الطبعة الأولى منه عام 1963 وبلغ عدد الطبعات حتى الآن 24 طبعة ، كما وتمت ترجمة الكتاب الى 18 لغة لا علم لدي ان كانت لغتنا الجميلة من بينها أم لا.
لقي ويليام غانونغ ربهُ تعالى في الثالث والعشرون من كانون الأول لعام 2007 ميلادية في مدينة ( ألباني) في كاليفورنيا.
 حصل ويليام غانونغ على جائزة المعلم المتميز عام 2002 ميلادية .وقبل ذلك حصل على جائزة التميز في تعليم الفسيولوجيا في الأعوام 1978 ، 1988.
وحصل في العام 1985 على ميدالية من الجمعية الألمانية للغدد الصماء ، كما وحصل على ميدالية الانجاز مدى الحياة من المجلس الأعلى لأبحاث ضغط الدم.

الجمعة، 10 مايو 2013

رصاصة بالخطأ تشق طريقاً للبحث العلمي

بقلم: د.عبدالرحمن أقرع
كلية الطب البشري- جامعة النجاح الوطنية
نابلس- فلسطين
-------------------------------------



ويليام بيومنت ( 1785-1853) هو جراح عمل في الجيش الأمريكي ، استثمر فرصة نادرة أثاء عمله ليصبح بفضلها ( ب الفسيولوجيا الهضمية ).

ولد ويليام بيومنت في بلدة لبنان (ليبانون ) في ريف (نيولندن) عام 1785 ميلادية ، ونشأ في مزرعة العائلة وتلقى تعليمه في المدارس القريبة .

وفي العام 1811 بدأ التدرب ليصبح طبيباً على طريقة ( التمهن ) مع (د. ترومان باول )، ويقصد بالتمهن أن يعمل أحدهم عند أحد أرباب الحرف والصناعات مقابل تعلّم المهنة .

وقد خدم كجراحٍ مع الجيش الأمريكي في الفترة من 1812- 1815 ،وتعتبر فترة مضنية في حياة الجراح لاسيما أنها تزامنت مع اندلاع حرب عام 1812 بين القوى الأمريكية والبريطانية ، حيث وصف فيما بعد الليالي الطويلة والمضنية في علاج جرحى الحرب.

وبدأ الممارسة الطبية الخاصة بعد انحسار شبح الحرب في بلتسبرغ بنيويورك ، ثم عاد لينضم كجراحٍ الى الجيش في العام 1819 ، ثم ترك الجيش مؤقتاً ليتزوج من (ديبورا غرين) ويعود بعدها الى موقعه .

قصة الصدفة التي دشنت علماً :

في السادس من حزيران عام 1822 أصيب مواطن كندي يعمل موظفاً في شركات الفراء الأمريكية ويدعى ( أليكسي مارتين) في حادثة اطلاق نار بالخطأ من مسافة قريبة أثناء الصيد أصابت ضلعه ومعدته ، وقد قام د. بيومنت بعلاج جراح مارتين بعد استدعائه لذلك ، وكان الجرح كما وصفه بحجم راحة اليد ، ونجحت براعته الجراحية في علاجه ، بيد أنه توقع أن يموت قريباً متأثراً بجراحه .

ولكن مارتن تعافى وبقي على قيد الحياة ، ولكن بوجود ناسور (فتحة ) في معدته لم تلتئم يوماً بالكامل، والناسور طبياً هو قناة غير طبيعية بين تجويفين جسديين أو بين تجويفٍ جسدي وخارج الجسم ، ويبدو من الوصف أن ناسور مارتن كان بين معدته وجدار بطنه.




ولعجز المصاب اليكسيس مارتن عن مواصلة العمل في شركة الفراء، ولتهديد السلطات له بالابعاد فقد ساعده د.بيومنت و تم التعاقد معه كحرفي متعدد من قبل د. بيومنت وآاواه سنيناً في بيته.

وفي العام 1825 قرر د. بيومنت الانتقال الى نياجارا واصطحب معه اليكسيس مارتن ، وعندما استقر بهما في نياجارا المقام فكر د.بيومنت وقرر أن في وجود ناسور مارتن فرصة كبيرة لاجراء تجارب على الهضم ، فبدأ باجرائها ، وقد تمت معظم التجارب بربط قطعة من الطعام بخيط وادخالها الى معدة مارتن عبر فتحة الناسور ، وكان د.بيومنت كل عدة ساعات يخرج القطعة بسحبه للخيط ويراقب التغير الذي يعتريها بفعل الهضم ، كما وأخذ عينات من العصارة الهضمية من معدة مارتن لتحليلها ، وقام باستخدام العصارة المعدية ذاتها لهضم قطع من الطعام خارج المعدة كان يضعها د.بيومنت في أوعية زجاجية ويعرضها للعصارة المعدية.

واستمرت التجارب لأكثر من شهر ترك بعدها مارتن د.بيومنت وغادر الى كندا ليركز د.بيومنت جهوده في عمله كجراحٍ للجيش.

وكان أبرز انجاز حققه بيومنت آنذاك هو التأكيد على وجود هضم كيميائي تمارسه المعدة عبر عصارتها ، وأن الهضم ليس ( ميكانيكاً ) عبر حركة المعدة فقط كما كان يعتقد .

وقد تنقل د.بيومنت في العامين 1826 – 1827 بحكم طبيعة عمله ، واعاد استخدام اليكسيس مارتن من جديد وأجرى سلسلة أخرى من التجارب عليه استمرت لستة أشهر ، ولم تقتصر على مراقبة الهضم فقط بل تأثير الحرارة والجهد البدني والمشاعر على الهضم.

وقد نشر د.بيومنت أبحاثه عام 1838 في كتاب أسماه ( العصارة المعديّة وفسيولوجيا الهضم ) وقد جاء الكتاب في جزئين الاول وصف لتجارب بيومنت على مارتن والثاني يتناول فسيولوجيا الجهاز الهضمي ،ويمكنكم الاطلاع على النسخة الالكترونية من الكتاب على الرابط التالي :

http://books.google.ps/books?id=H6F4_9joRkgC&pg=PA1&dq=gastric+juice&hl=en#v=onepage&q=gastric%20juice&f=false

وتبادل التنقل في البلاد بعد ذلك مع مريضه مع مريضه- مساعده اليكسيس مارتن ، وقد توفي د. ويليام بيومنت عام 1853 بسبب انزلاقه بالجليد.

وقد أطلق اسم د.بيومنت على العديد من المؤسسات والمدارس والمشافي بعد ذلك.