السبت، 30 أغسطس 2014

معالم منسية تاريخية طبية (2)

الجامع الصلاحي الكبير ، أحد أكبر مساجد نابلس القديمة الذي يعرفه كل من زار البلدة القديمة لنابلس ، والذي حظي قبل سنين أربع بالترميم والتجديد ، كان يضم فيما مضى بيمارستاناً (مشفى) يجهل ما يتوفر بين يدينا حالياً من التاريخ اسم بانيه وسنة بنائه، ومن بين من أشار اليه من المؤرخين النابلسي في كتابه (الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية) .
بيد أن الضريح القائم في الجزء الغربي من الجامع على يمين الداخل اليه من بوابته الشمالية دفع بعض المؤرخين وأخصائي الآثارأن هذا الضريح يعود الى باني البيمارستان ، وهو أحد ولاة نابلس الأمير مصطفى بك الفقاري ، والذي كان أحد أمراء الحج في العهد العثماني قبل أن تسند امارة الحج الى والي دمشق، ويوجد الى جانب الضريح بناء يسمى بالايوان ، بيد أنه حالياً وفق ما ذكر لي أحد خدمة المسجد الكبير يستخدم كمخزن لا غير وصادف أن كان مغلقاً في الوقت الذي قمت فيه بزيارة المكان لالتقاط الصور وتتبع خطى التاريخ الطبي.


ضرح الأمير مصطفى بك الفقاري


 مبنى الايوان




ويذكر الأستاذ كلبونة خبيرالآثار النابلسي أن الأمير المرحوم مصطفى بك الكبير هو الذي قام ببناء المئذنة الحالية للجامع الكبير وفتح مدخله الشمالي فلا عجب اذن أن يكون هو من أنشأ البيمارستان كذلك ، ولا سيما أن من عادة الولاة أنهم كانوا يوصون أن يدفنوا في المساجد والبيمارستانات التي يشيدونها.
والمسجد الكبير كان في الأصل بازيليكا رومانية ثم شيد الصليبيون مكانها كنيسة عام 1167 للميلاد قبل أن يدخل صلاح الدين القدس فاتحاً ويحول الكنيسة الى مسجد حمل اسمه ، أما مئذنته فقد بنيت في العهد العثماني .


ويمتاز الجامع الكبير بالسعة حيث يضم 4 محاريب (كانت تقام فيه الصلوات على المذاهب الأربعة) ، وله 4 أبواب ويتسع كل صفٍ فيه لـ 150 مصلي.

وفي أثناء الترميم الأخير للمسجد عثر على أعمدة رومانية تحته قد تعود الى البازيليكا الرومانية القديمة.
ولكن: أين ذهب البيمارستان؟
لقد ضرب زلزالٌ مدمر مدينة نابلس عام 1927 أطاح بالكثير من معالمها مع الأسف ، مما دفع بلدية نابلس آنذاك الى هدم المنازل الكائنة في الجزء الشمالي للجامع بصفتها أبنية خطرة كما يذكر أ. كلبونة خبير الآثار النابلسي ، وتم بدلاً منها تشييد محال تجارية تم تأجيرها للتجار ، ولا زلنا نبحث عن خيطٍ من التاريخ يقودنا الى بعض حقائق البيمارستان وسنة وجوده وبانيه.

الجمعة، 29 أغسطس 2014

أبصر النورَ في مثل هذا اليوم

بقلم: د.عبدالرحمن أقرع
محاضر في تاريخ الطب وعلم وظائف الأعضاء الطبي
كلية الطب- جامعة النجاح بنابلس- فلسطين
29.08
أبصر النور في مثل هذا اليوم من عام 1904 الطبيب الألماني (فرنر فورسمان) الذي غامر بحياتهِ ليطور قثطرة القلب (القسطرة) اذ تناول مخدراً موضعياً وأدخل القثطر في وريد يده ويصل الى القلب رغم احتمالية ثقب القثطر للوريد- ولم يكن يعلم بمثل هذه المخاطرة) وتم ذلك في العام 1929  .
وتكريماً له على عملهِ الابداعي فقد تقاسم جائزة نوبل في الطب والفسيولوجيا مع طبيبين أمريكيين عملا كذلك في مجال القثطرة وتطويرها عام 1956.
تخرج فرنر من جامعة برلين عام 1929 ووضع فرضية امكانية ادخال القثطر عبر الوريد الى القلب وادخال مادة مشعة تمكننا من معرفة وضع القلب وشرايينه التاجية من الداخل بالاضافة لامكانية قياس الضغط البطيني ، الأمر الذي قد يرفد الطب بفوائد تشخيصية جمة ، ثم قرر التجريب على نفسه فمنعه رئيس قسمه نظراً للخطورة المترتبة على التجربة فتجاهل تحذير رئيسه وطلبة من الممرضة (جيردا ديتسن) ان تساعده في اجراءات التعقيم واحضار قثطر بطول 60 سم ، فوافقت شريطة ان يجري التجربة عليها لا على نفسه فتظاهر بالموافقة وحقن ذراعها بمخدر موضعي بعد أن جهزت له كافة المستلزمات وتظاهر بثقب وريد ذراعها ليقوم في الواقع بثقب وريد ذراعه هو نفسه ويطلب منها ان تستدعي طاقم التصوير الشعاعي.
وعندما هرعت الممرضة الى الطابق السفلي لاستدعاء الطاقم قام بغرز كامل القثطر ذي ال 60 سم في وريده ليلج في بطين القلب ، وبعد ذاك وصل طاقم التصوير الشعاعي ليقوم بتصوير الحدث.
مرت حياته المهنية بعد ذلك بين مد وجزر اذ لم يتلقَ أحد اختراعه بالحماسة الكافية فقرر ترك تخصص جراحة القلب والبدء بالتخصص في المسالك البولية.
انضم للحزب النازي وعمل ضابطاً طبيباً في الحرب العالمية الثانية واعتقل وزج به في معتقل أمريكي وتم تحرير عام 1950 ليعمل بعد تحريره طبيباً في الريف الألماني مع زوجته د. اليزابيث أنجل- أخصائية أعصاب .

ابن هذا الطبيب هو الطبيب واسمه (وولف فورسمان) هو أول من قام بعزل الببتيد الأذيني المدر للصوديوم ( ATP : Atrial Natriuretic Peptide) ، أما ابنه الآخر( بيرند) فهو أول من اخترع مفتت الحصى (ليثوتريبتر) لتفتيت حصى الكلية دون جراحة .
له من الأبناء 6 ، وتوفي بسبب هبوط في القلب عام 1979 م.

الاثنين، 18 أغسطس 2014

معالم منسية تاريخية طبية (1)

كانت جدتي (لبيبة) والتي عاشت ما يربو عن المئة عام رحمها الله تطلق كلمة ( سبيتار) على المشفى ، ولكوني محاضر في تاريخ الطب ومدرس للمصطلحات الطبية فقد عادت بي الذاكرةالى مصطلح جدتي في محاولة ايجاد اصلٍ له، في البداية ظننت أن المصطلح تركي ، بيد أن معرفتي المتواضعة باللغة التركية التي تعلمت الكثير منها سماعاً من زملاء الدراسة في بلغارية أفادتني بان مصطلح Hastane (هاست خاتة) هو المشفى بالتركية . 
نهار هذا اليوم وأثناء قراءة كتاب في تاريخ مدينة نابلس ، لمعت كالبرق أمام ناظريّ عبارة ( الأخوية الاسبيتارية ) وهو اسم اطلق على مجموعة من الفرسان الصليبيين الذين انطلقوا من جزيرة مالطا ليشاركوا في الحروب الصليبية ، وبدأت عملية بحثٍ شيقة باستخدام متصفح غوغول استمرت سيراً على الأقدام لأجد نفسي في أكثر شارعٍ مألوفٍ لذاكرتي الطفولية في نابلس ولأجد أن المطعم الصغير الذي كنا نحب شطائره كلما قدمنا الى نابلس من قريتنا يقع تماماً على حدود أول مشفى بني تحت أضواء التاريخ في نابلس.
( البيمارستان الصليبي) .
أنشأ فرسان الأخوية الاسبيتارية أول مشفى معروف تاريخياً في مدينة نابلس عام 1180 م. ، بيد أن معالم هذا المشفى- مع كل أسف - دمرت نتيجة زلزالٍ هزَّ مدينة نابلس سنة 1198 للميلاد ، ويذكر المؤرخون أن الزلزال ( لم يترك جداراً قائماً في نابلس الا حارة السمرة) .
فمن هم فرسان الأخوية الاسبيتارية ؟ وأين شيد المشفى المذكور ؟
الأخوية الاسبيتارية هي مجموعة من الفرسان انبثقت عن (فرسان الهيكل) في جزيرة مالطة بدايةً ثم سكنوا جزيرة رودس وغزوا سواحل ليبيا وتونس واحتلوا برقة الليبية بيد أن المماليك أخرجوهم منها ليعودوا فيحتلوا طرابلس الليبية ، وسموا بالاسبيتارية نظرا لكونهم عملوا في خدمة مشفى القديس يوحنا الأورشليمي بالقرب من كنيسة القيامة ( يسمون أيضاً بفرسان القديس يوحنا الأورشليمي) . وتعتبر مشاركتهم في الحروب الصليبة من أهم العوامل التي مدت الحملات الصليبية بالحيوية والاستمرار الى جانب فرسان الهيكل.
أنشأ الفرسان الاسبيتاريون ( الهوسبيتاليون) مشفى في مدينة نابلس كما يذكر خبير الآثارالفلسطيني النابلسي أ. عبدالله كلبونة في بحثه ( تاريخ البمارستانات في مدينة نابلس) في المنطقة الجنوبية الغربية من شارع الأنبياء (منطقة جامع الأنبياء) حالياً .



جامع الأنبياء (المساكين) - نابلس 
ويفيد الباحث أن ما بقي من البمارستان بعد زلزال 1190 م والذي يمتد من جامع الأنبياء جنوبا قد استمر لتقديم الخدمة لمرضى الجذام الذين كانوا يأوون الى المسجد أيضاً ، والذي سمي بجامع المساكين لايوائه هذه الشريحة من المرضى حتى حدث زلزال نابلس الكبير عام 1927 فهدم ما تبقى من معالم البيمارستان الصليبي الاسبيتاري لتقوم بلدية نابلس ودائرة أوقافها بشق شارع في المكان وترحيل المجذومين وترميم جامع الأنبياء واقامة مباني تجارية على احدها تم تشييد المحكمة الشرعية في نابلس . 


 ومن ثم يتبين أن مساحة البيمارستان تشمل محيط جامع الأنبياء والمحكمة الشرعية والشارع الممتد أمامهما .


ملاحظة هامة : تجمع فرسان مالطا لايزال قائماً كتنظيم مسيحي كاثوليكي بفكرٍ صليبي وقد عقد أول اجتماع له في العصر الحديث في جزيرة مالطا عام 1990 م وتشمل متطوعين من 22 دولة يقدر عددهم بنصف مليون متطوع منهم 100000 في فرنسا وحدها ، وتمارس المنظمة نشاطاً خيرياً غالبه منصب على المشافي وتقديم الخدمات الطبية.

الأربعاء، 13 أغسطس 2014

مؤسس أول بنك للدم

مؤسس اول بنك للدم
أول أمريكي اسود يصبح عضوا في بورد الجراحة الأمريكي
تخرج من الرياضة اولاً ثم التحق بكلية الطب

ولد الطبيب الأمريكي الأسود (تشارلز درو) عام 1904 م. وتخرج من المدرسة عام 1922 حيث حصل على منحة دراسية للالتحاق بكلية الرياضة وتخرج عام 1926، ثم التحق بكلية الطب في كندا وتخرج عام 1933 بدرجة الشرف حيث نال المرتبة الثانية على دفعته، لينال بعد ذلك بسنوات الدكتوراة في العلوم الطبية من جامعة كولومبيا فيصبح أول أمريكي أسود ينال هذه المرتبة .
دخل ريتشارد درو التاريخ أيضا لكونه أول أمريكي أسود يصبح ممتحناً في لجنة الامتحانات التي تمنح البورد الأمريكي في الجراحة ولكونه اكتشف وسيلة لحفظ الدم وتخزينه بعد فصل البلازما عن كريات الدم وتخزين كلا منهما على حدة باستخدام التبريد ، وقد قام بذلك لتزويد البريطانيين بالدم في الحرب العالمية الثانية قبل انضمام الولايات المتحدة الى الحرب.
لا شك أن اكتشاف درو أنقذ حياة آلاف الجنود في الحرب العالمية الثانية ، بيد أن الأهم أنه ما فتئ ينقذ حياة الملايين حتى يومناهذا .
رحل د. تشارلز درو مبكراً عن هذا العالم في عامه السادس والأربعين متأثرا بجراحٍ أصيب بها في حادث سير ، حيث كان برفقة ثلاثة من زملائه الأطباء الذين اصيبوا بجراح طفيفة في ذات الحادث.
وقد خلد اسم تشارلز درو بالكثير من الوسائل من ضمنها اصدار طابع بريدي باسمه واطلاق اسمه على عدد من المدارس والجسور والمتنزهات وادرج عام 2002 كأحد أعظم 100 أمريكي أسود في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.