طب العرب والمسلمين



الطب عند العرب والمسلمين
د.عبدالرحمن أقرع
لم يختلف الطب عند العرب قبل الاسلام عنه عند معاصريهم من حيث ارتباطه بالطقوس الدينية والغيبيات على اساس من الحاجة الفطرية للتطبب،وان كانت بعض الدراسات تتحدث عن ايلائهم الطب اهمية كبيرة و بروز عدد من الاطباء كذلك. الا انه لم يصلنا ما يوثق ذلك سوى بيانات قليلة تتحدث عن بعض الممارسات والفنون التي اكتسبوها من الخبرة البيئية او الاحتكاك بالحضارات المجاورة حيث كانت التجارة و موسم الحج جسرين للتواصل الحضاري مع معاصريهم.
ومن الممارسات الطبية التي شاعت في الجزيرة العربية تلك المشهورة بعمليات الكي و الحجامة و الفصد و تضميد الجراح و استعمال بعض الأدوية ،لا سيما ذات الطابع العشبي مع اللجوء إلى الطقوس الدينية والعرافة و الكهانة على ضوء من عقيدتهم الوثنية.
وكان الطب مرتبط بالسحرة والكهان الى حد كبير . ومع ذلك فقد برزت عدد من الشخصيات الطبية الا ان ضوء التاريخ لم يسلط عليها الا بعد بزوغ فجر الاسلام كما سيأتي لاحقا ومنها الحارث بن كلدة الثقفي الذي تلقى علومه الطبية الاولى في بلاد فارس ، حيث اشتهرت مدرسة (جينداسابور) الطبية الفارسية.وقد اوردت المصادر حواراً بين الحارث بن كلده وكسرى أنو شروان (ملك بلاد فارس) يُفهم منه أن الحارث كان عارفاً بأمور الطب الى درجة اثارت اعجاب كسرى. وكان الحارث بن كلدة كذلك رجلا متعدد المواهب حيث قرض الشعر و عزف على العود، وهو صاحب العبارة المشهورة "" الحمية رأس الدواء ، والمعدة بيت الداء ، وعودوا كل بدن ما اعتاد).وقد وردت اسماء اخرى دون كثير من تدقيق او توثيق كابن حزيم الذي يذكر أنه كان أطب العرب في الكي ، والنضر بن الحارث ، وضماد بن ثعلبة وغيرهم ممن مارسوا الطبفي العصر الجاهلي و صدر الاسلام.
ويذكر المؤرخون أنه كان للعرب ممارساتهم الجراحية كبتر الأطراف بالشفرات المحماة بالنار وعلاج الجروح بالفتائل والضمادات ، كما كان لهم يد في الجراحات التجميلية كاستبدال الأنف المجدوع بأنف من ذهب ، وكذلك شد الأسنان ونقويتها بالذهب .
ومن الغبن بمكان أن يعتقد البعض أن العرب قبل الاسلام لم يكونوا بذوي حضارة تؤهلهم لممارسة الطب ، وذلك ظنا من البعض أن الحديث عن اي اسهام حضاري للعرب قبل الاسلام من شأنه أن يرمى به الى تقليل الدور الحضاري للاسلام وهذا مخالف للمنطق ، وتضخيم لدور الدين في صنع الحضارة، فالعرب كانوا أمة متصلة مع العالم عبر حركة التجارة ، بل وتسيطر على أهم خط تجاري في العالم آنذاك والمسمى بطريق البخور، كما كان المجتمع العربي قبل الاسلام مجتمعاً متعدد الأديان مما يوحي بوجود تعايش ثقافي ، بالاضافة الى إقامة المهرجانات الأدبية الدورية كسوق عكاظ وغيره.

ومع ظهور الاسلام اولى الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم ) الطب اهميته و حث على التداوي واصفا التطبب بقدر الله الذي ينبغي ان يدفع به قدرا اخر الا وهو المرض في سلسلة من الاحاديث التي اتقن جمعها وتصنيفها الامام (ابن قيم الجوزية) في فصل خاص من كتابه (زاد المعاد في هدي خير العباد) .
ومن الاحاديث التي التي تظهر نهجه ( صلى الله عليه وسلم) في التطبب ما ذكر مالك في موطئه : عن زيد بن أسلم ، أن رجلاً في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابه جرح ، فاحتقن الجرح الدم، وأن الرجل دعا رجلين من بني أنمار ، فنظرا إليه فزعما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما : أيكما أطب ؟ فقال : أوفي الطبخير يا رسول الله ؟ فقال : أنزل الدواء الذي أنزل الداء 
وكان له ( صلى الله عليه وسلم ) تعاليمه الخاصة في التداوي و الحمية ، كما مارس وحث على الحجامة ، وبث في اصحابه نمطا صحيا عز نظيره من الاعتدال في كل شيء ، وبيان الخصائص العلاجية للاطعمة والاشربة المختلفة ، كما واولى اهتماما بالعلاج الروحاني المتمثل بالرقية ، وتداوى من جراح اصابته في معركة احد، واوصى ان ينصب خيمة للممرضة (رفيدة الاسلمية ) الى جوار خيمته اثناء معركة الخندق لعلاج الجرحى ، وكان المقوقس ملك مصر اهدى اليه طبيبا فقبله ، واحسن وفادته. وتذكر المصادر التاريخية انه اوصى بزيارة اطباء معينين طلبا للعلاج حيث اشتكى أحد الصحابة من مرض فقال النبى له: اذهب إلى الحارث 
بن كلدة فإنه رجل يتطبَّب.
أما ما يعرف بالطب النبوي ، والذي يضخمه البعض ويعتبره وحي سماء فما هو الا اجتهاد بشر ، والدليل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم- ما أمرتكم بشيء من دينكم فخذوه ، وما أمرتكم بشيء من دنياكم فانما أنا بشر مثلكم ، فان نسيت فذكروني).
ولن نتوقف في هذه العجالة عند الجدل الفقهي الدائر حول اعتماد هديه الطبي (صلى الله عليه وسلم) كمصدر تشريعي ملزم باعتباره وحيا يتبع ، او مجرد اراء دنيوية قائمة على الخبرة والملاحظات الشخصية ، بل سنكتفي بالاشارة الى دوره الريادي في تاريخ الجزيرة العربيةوالعالم في الاهتمام بالطب والتطبب والحث على ذلك الامر الذي مهد الطريق لاتباعه في العصور اللاحقة من ان يتركوا بصماتهم الجلية في سفر الحضارة الطبية والافادة للامم الاخر
ولم يسجل عهد الخلفاء الراشدين جديدا في النهوض الطبي ، باستثناء مواصلة الخلفاء لاقرار التداوي ، فقد جاء في سيرة الفاروق عمر بن الخطاب انه استعين بطب الحارث بن كلدة قبيل استشهاده ، فقال( اسقوه لبنا ، فإن خرج من جرحه فليوصى لأولاده).
العهد الأموي

اما الامويون فكانوا معاصرين لمدرستين طبيتين ، احداهما في فارس و تدعى بمدرسة جينداسابور ، والاخرى في مصر و تدعى بمدرسة الاسكندرية.ويرى بعض المؤرخين ان سمة كانت في الامويين تتلخص في اصطفائهم للعنصر العربي واستثناء ما سواه من بلاط الخلافة حال دون وجود الاطباء الاجانب في بلاط الخلافة خلاف ما كان عليه الحال عند العباسيين، لذا لم تبرز اسماء لاطباء في عهدهم باستثناء ثلاثة من الاطباء النصارى العرب و هم:
الا ان التاريخ ينقل لنا اهتماما ما بالطب و بروز بعض الاطباء بل و الطبيبات : فيروى عن حفيد معاوية (خالد بن يزيد بن معاوية بن ابي سفيان) ابن الخليفة الاموي الثاني يزيد انه عزف عن قبول وراثة الخلافة عن ابيه وفضل التفرغ لدراسة العلم والطب اضافة الى ولعه بالكيمياء .ويذكر المؤرخون انه كان من العلماء الاتقياء الزاهدين في الدنيا وما فيها ، مولعاً بمجالس العلماء ، وترك وراءه عدداً من الكتب اهمها كتاب «الحراريات» وكتاب «الصحيفة الصغير» وكتاب «الصحيفة الكبير».
وممن برز من الاطباء في العهد الاموي الحكم الدمشقي وكان طبيباً لمعاوية بن ابي سفيان ، وكان يعهد اليه بعلاج اهل بيته، وكذلك ابن أثال الذي كان خبيراً بالادوية المفردة، وكذلك عيسى بن الحكم ابن ابي الحكم الذي هو ابن طبيب مشهور كذلك، وتياذوق الطبيب الذي صادق الحجاج بن ابي يوسف الثقفي وله قصة معه مفادها: «ان الحجاج وجد في رأسه صداعاً فبعث الى تياذوق فقال: 
اغسل رجليك بماء حار وادهنها، وكان خصي للحجاج قائم على رأسه، فقال: والله ما رأيت طبيباً اقل معرفة بالطب منك: شكى الامير الصداع في رأسه فتصف له دواء في رجليه، فقال له تياذوق: اما علامة ما قلت فيك بينة، قال الخصي: ما هي؟ قال: نزعت خصيتاك فذهب شعر لحيتك. فضحك الحجاج ومن حضر، ومن نصائحه المشهورة للحجاج : ( لا تنكح إلا شابة ولا تأكل من اللحم إلا فتياً ولا تشرب الدواء إلا من علة ولا تأكل الفاكهة إلا في أوان نضجها وأجد مضغ الطعام وإذا أكلت نهاراً فلا بأس أن تنام وإذا أكلت ليلاً فلا تنم حتى تمشي ولو خمسين خطوة)وقد ترك تياذوق كتابا في الطب هو كناش كبير ألفه لابنه وهو كتاب في إيدال الأدوية وكيفية دقها وإيقاعها وإذابتها وشيء من تفسير أسماء الأدوية‏.‏. .....

كذلك من طبيبات هذا العصر البارزات زينب الاوديةالتي وصفها المؤرخون بانهاكانت عارفة بالأعمال الطبية خبيرة بالعلاج ومداواة آلام العين والجراحات ، وهناك ايضا الطبيب السكندري عبدالملك بن أبجر الكناني الذي اسلم على يد الخليفة عمر بن عبدالعزيز ومن اشهر مقالاته في الطب تاريخ الطب العربي الاسلاميان المعدة حوض الجسد والعروق تشرع فيه فما ورد فيها بصحة صدر بصحة وما ورد فيها بسقم صدر بسقم)) ويظهر جليا في عبارته تلك تأثرا بقدامى المصريين. وله ايضا العبارة المشهورة تاريخ الطب العربي الاسلامي دع الدواء ما احتمل بدنك الداء).وقد قام الخليفة الاموي عمر بن عبدالعزيز بنقل التدريس الطبي من الاسكندرية الى حران وانطاكية مستعينا بعبدالملك الكناني.ومن الضروري والانصاف هنا بمكان الاشارة الى دور عمر بن عبدالعزيز في ترجمة الكتب الطبية في مكتبة الاسكندرية مستعيناً بالأطباء والرهبان السريان الذين نقلوها من الاغريقية الى السريانية ومن ثم الى العربية.
غير ان من ابرز سمات التطور الطبي في عهد الامويين هو قيام الخليفة الاموي الوليد بن عبدالملك ببناء اول مستشفى من نوعه خصص للمجذومين وكان ينفق على اطبائه بسخاء، والذي سنائتي لذكره عند استعراض تاريخ المشافي.

العهد العباسي
اما العهد العباسي فقد شهد نهضة طبية بالتوازي مع النهضة الحضارية الشاملة على كافة الاصعدة نظرا لنشوط حركة الترجمة وتشجيع الخلفاء العباسيين لها فازدهرت العلوم قاطبة بما فيها العلوم الطبية ، حيث كانت بغداد قبلة للكتب تأتيها من سائر الاصقاع اما كغنائم من الفتوحات ، او ضمن اتفاقيات مبرمة مع الامم والشعوب الاخرى ، فكان العباسيون و بحق هم سندة وحماة التراث الانساني ،واشتهر من الأطباء غير المسلمين في أوائل عهد الدولة العباسية،جرجيس بن بختيشوع الذي استقدمه ابو جعفر المنصور الى بغداد لعلة المت به، فنجح في علاجه ونقل بين يديه الكثير من كتب اليونان ، وله كتاب في الطب يدعى الكناش ترجمه الى العربية حنين بن اسحاق. اما ابنه بختيشوع بن جرجس فقد استقدمه الرشيد من جنديسابور الى بغداد و امره بمحاورة الاطباء والفلاسفة واهل المنطق فاجاد ،فاكرمه الرشيد وجعله رئيسا للاطباء، وله كتاب (التذكرة) وهو كتاب مختصر الفه لابنه جبرائيل. وجبرائيل بن بختيشوع هو ابنه،وكان طبيبا لجعفر البرمكي، ثم قربه الرشيد بعد ان ابرأه من علة،ومن بعده الامين فالمأمون، وله عدد من المؤلفات منها: رسالة إلى المأمون في المطعم والمشرب، كتاب المدخل إلى صناعة المنطق، كتاب في الباه (الجماع)،رسالة مختصرة في الطب ،و كتاب في صنعة البخور ألفه للمأمون .ومن كلام جبرائيل بن بختيشوع : (أربعة تهدم العمر إدخال الطعام على الطعام قبل الإنهضام والشرب على الريق ونكاح العجوز والتمتع في الحمام)وكان لقربه من الخلفاء الذين استحسنوا صنعته موسرا ذا ثروة طائلة.
كما وبرزت اسماء اخرى كيوحنا بن ماسويه الذي اوكل اليه الرشيد ترجمة الكتب التي غنمها المسلمون في غزواتهم ،وله عدة مؤلفات منها (كتاب السموم) ،و( كتاب الصداع ) وغيرهما . و حنين بن اسحاق الذي عرف باتقانه للغات العربية والسريانية واليونانية والفارسية ، كما واشتهر بجودة الترجمة ونقل الكثير من تراث الامم الطبي الى العربية.ومنكة الهندي وكان الرشيد قد استقدمه من الهند لعلاجه ، وقد قام بترجمة الكثير من تراث الهند الطبي لا سيما ذلك المتعلق بالسموم الى اللغتين العربية والفارسية . ولم يختلف طب هؤلاء، من الناحية العملية، كثيرًا عما كان عليه في نهاية العصر الأموي.
غير ان النقلة النوعية في التاريخ الطبي كانت في الانتقال من الترجمة الى التاليف بعد منتصف القرن الرابع الهجري،مبشرة بعهد جديد من الابداع الطبي العربي كان باكورته كتاب (فردوس الحكمة ) لعلي بن سهل الطبري-استاذ الرازي-حيث صنف الكتاب المذكور على سبعة أنواع والأنواع تحتوي على ثلاثين مقالة والمقالات تحتوي على ثلثمائة وستين بابا، وله ايضا كتاب( أرفاق الحياة) وكتاب( تحفة الملوك)و كتاب( كناش الحضرة) و كتاب( منافع الأطعمة والأشربة والعقاقير)و كتاب( حفظ الصحة ) وكتاب في الحجامة، و كتاب في ترتيب الأغذية
وقد وصل هذا العصر ذروته في عهد الشيخ الرئيس ابن سينا الذي سنخصص لحياته فصلا خاصا ضمن مشاهير الاطباء. في هذا العهد نبغ أطباء انتقلوا بمهنة الطب نقلة نوعية، واشتهر من الأطباء المسلمين أبوبكر الرازي، وقد تتلمذ على الطبري كان شغوفا بالمعرفة منذ نعومة اظفاره ، متعدد المواهب،ملما بالادب والشعر الى جانب المامه الواسع بالطب الذي تعلمه وقد تقدمت به السن كما يذكر بعض المؤرخين ،لقب ب (جالينوس العرب)، وقد اشتهر بادارة المستشفيات حيث كان قد تولى رئاسة بيمارستان (مستشفى) الريِّ ثم البيمارستان المقتدري في بغداد، فالعضدي ، ويتناقل المؤرخون قصة عن كيفية اختيار الرازي لمكان المشفى قبل بنائه ن وتعكس حكمته وبعد نظره حيث كان الرازي في جملة من اجتمع على بناء المشفى العضدي وإن عضد الدولة البويهي استشاره في الموضع الذي يجب أن يبنى فيه فأمرالرازي بعض الغلمان أن يعلق في كل ناحية من جانبي بغداد قطعة لحم ثم اختار التي لم يتغير ولم يتعفن فيها اللحم بسرعة فأشار بأن يبنى في تلك الناحية، وهو الموضع الذي بني فيه المشفى المعروف بالبيمارستان العضدي الذي انيطت اليه ادارته فيما بعد. وقد ألف في الطب نحو 56 كتابًا، ابرزها (كتاب الحاوي في الطب) وهو من اعظم الكتب في العلم الطبي جمع فيه كل ما وجده متفرقاً في ذكر الأمراض ومداواتها من سائر الكتب الطبية للمتقدمين الذين شغف بقراءة كتبهم، ثم من أتى بعدهم إلى زمانه ونسب كل شيء نقله فيه إلى قائله وقد توفي الرازي ولم يفسح له في الأجل أن يحررالحاوي فبقيت مسوداته عند أخته إلى أن أظهرها ابن العميد. ثم ترجم الحاوي فيما بعد إلى اللاتينية بطلب من كارل إنجو ملك نابولي وصقلية ليصبح من الكتب المعتمدة في دراسة الطب في أوروبا إبان القرون الوسطى ولردح طويل من الدهر. 
وله من الكتب كذلك: (كتاب الطب الروحاني ) ويعرف كذلك بطب النفوس، وكتاب (كتاب في كيفية الإبصار ) وهو الكتاب الذي بين فيه ان الإبصار ليس يكون بشعاع يخرج من العين ، وهو من كتبه بالغة الاهمية التي سبق فيها عصره بكثير، ومن رسائله الجليلة كذلك( مقالة من أن جهال الأطباء يشددون على المرضى في منعهم من شهواتهم) وكتاب( المنصوري في الطب)وهو كتاب في التشريح ؛) محنة الطبيب ومنافع الأغذية)؛ رسالة في الجدري والحصبة ويحتوي على اربعة عشر بابا ، وهو أول من فرق بين المرضين ،وأشار إلى انتقالهما بالعدوى. وله كتاب قيم كذلك في (حصى الكلى والمثانة)
وقد برع الرازي في الكيمياء الامر الذي اثرى معرفته بالادوية ، فهو أول من استخدم الرصاص الأبيض في المراهم وأدخل الزئبق في المسهِّل ، وهو كذلك اول من استخدم فتيلة الجرح المسماة بالقصاب، وأمعاء الحيوانات لخياطة الجروح.وله كتاب في الرد على الكندي في إدخاله صناعة الكيمياء في الممتنع، ومقالة في علاج العين بالحديد.

وقد بلغ عصر التأليف ذروته في عهد الشيخ الرئيس أبو علي الحسين بن عبد اللّه بن علي بن سينا، وهو من اساطين الطب في التاريخ العربي الاسلامي والعالمي كذلك، ولد في احدى قرى بخارى و حفظ القران والكثير من الشعر قبل ان يبلغ العاشرة من عمره، ونبغ في الجبر والحساب والفقه والفلسفةوعلوم الارض والطب. وقد برع في الطبفي سن مبكرة للغاية حيث يقول عن نفسه : (ثم رغبت في علم الطب وصرت أقرأ الكتب المصنفة فيه وعلم الطب ليس من العلوم الصعبةفلا جرم أني برزت فيه في أقل مدة حتى بدأ فضلاء الطب يقرأون علي علم الطب وتعهدتالمرضى فانفتح علي من أبواب المعالجات المقتبسة من التجربة ما لا يوصف وأنا مع ذلكاختلف إلى الفقه وأناظر فيه وأنا في هذا الوقت من أبناء ست عشرة سنة) . وقد عالج في سنه تلك السلطان نوح بن منصور من مرض عضال فسر به وقربه فكان مطلب ابن سينا ان يسمح له في دخول دار كتبه.
وقد اشتهر بغزارة التأليف في العلوم كافة ،وكان نهما بالقراءة ، حائزا على الكثير من الالقاب ، ترك العديد من المؤلفاتنثرا وشعرا في مختلف الحقول و بخاصة في الحقلين الطبي والفلسفي .

وقد توفي ابن سينا عام 1036 ميلادية عن 56 عاما تاركا خلفه تراثا علميا ضخما يحوي ما يقرب ال 267 كتابا في مختلف العلوم منه 43 مولفا طبيا.
واشتهر ابن سينا بتأليف الاراجوزات وهي قصائد منظومة اشهرها الارجوزة الالفية التي زادت ابياتها عن ال 1000 بيت ، تعد مختصرا شغريا لكتاب القانون في الطبليسهل على طلبة الطب دراستها و حفظها ، وله كذلك ارجوزة اخرى في حفظ الصحة في الفصول الاربعة.
وله من الاراء الطبية الهامة رأي خالف فيه ابقراط الا وهو وجوب علاج السرطان ، حيث نادى (ابقراط) بوجوب الامتناع عن معالجته ، حيث يقول ابن سينا : (والسرطان اذا استئصل في اول اعراضه شفي المريض منه) ، كما وربط بين العقم وعلاقة الزوجين النفسية.
الطبي.ومن الاسماء اللامعة كذلك ثابت بن قرة الحراني الذي عاصر الخلفاء المقتدر بالله ، والقاهر، و المعتضد بالله، نبغ في العلوم بما فيها الفلسفة والفلك والهندسة والطب ، واجاد الترجمة لاتقانه اللغات ،لهذا نال مرتبة رفيعة لدى الخلفاء من معاصريه ، يدل على ذلك ما نقله ابو اسحاق الكاتب حيث قال : (إن ثابتاً كان يمشي مع المعتضد في الفردوس - وهو بستان في دار الخليفة للرياضة - وكانالمعتضد قد اتكأ على يد ثابت وهما يتماشيان ثم نتر المعتضد يده من يد ثابت بشدةففزع ثابت فإن المعتضد كان مهيباً جداً فلما نتر يده من يد ثابت قال له يا أباالحسن - وكان في الخلوات يكنيه وفي الملأ يسميه - سهوت ووضعت يدي على يدك واستندتعليها وليس هكذا يجب أن يكون فإن العلماء يعلون ولا يُعلون)‏.‏ وترك ثابت بن قرة عددا كبيرا من الكتب الطبية ، علق فيها على كتب السابقين من الاطباء ، اضافة الى تجاربه الخاصة و خبرته ، ومنها: (كتاب في النبض)،( كتاب وجع المفاصل والنقرس)،(جوامع كتاب الأدوية المفردة لجالينوس)،(جوامع كتاب تشريح الرحم لجالينوس)، (اصناف الامراض)،(صفة كون الجنين)، (مسائلة الطبيب للمريض)، و (كتاب فيتدبير الأمراض الحادة‏)،و(كتاب البصر والبصيرة فيعلم العين وعللها ومداواتها).
وربما يلحظ من العناوين السابقة سعة مدارك الحارث بن قرة في المجال الطبي ، و حسن تصنيفه للامراض ، واهتمامه بفن اخذ السيرة المرضية والتشخيص السريري.
ومن اقواله: (راحة الجسم في قلة الطعام وراحة النفس في قلة الآثام وراحة القلب في قلة الاهتماموراحة اللسان في قلة الكلام‏) 
ونبغ في الطب كذلك ولده سنان بن ثابت بن قرة ، وهو الطبيب الذي اقترح على الخليفة العباسي المقتدر بالله بناء مشفى يحمل اسمه ، فبنى (البيمارستان المقتدري ) ، وقد صدف ان توفي فيه احد المرضى لخطأ طبي من احد الاطباء العاملين طبي فافأمر الخليفة بمنع سائر الاطباء من التصرف إلا من امتحنه سنان بن ثابت وكتب له رقعة بخطه بما يطلق له من الصناعة ( اي التخصص المناط به)، فامتحنهم سنانوأطلق لكل واحد منهم ما يصلح أن يتصرف فيه . وكان عدد الناجحين في ذلك الامتحان يزيد عن الثلاثمائة طبيب.
ومن الاطباء الذين ذاع صيتهم في هذا العهد ولكن هذه المرة في البقعة الغربية من دولة الخلافة و تحديدا في القيروان الطبيب ابو جعفر احمد بن ابراهيم المعروف (بابن الجزار) الذي نشأ في اسرة لها عمل بالطب ورثها عن ابيه وعمه ونبغ فيها ، كما امتاز بولعه في تركيب الادوية و تجنب الجراحة ، وذكر المؤرخون انه ترك عددا من الكتب اشهرها كتاب يعرف ب ( زاد المسافر) وهو كتاب في علاج الامراض وكتاب ( البغية) وهو كتاب في الادوية المركبة، و كتاب( العدة لطول المدة) ، و( كتاب في المعدة وأمراضها ومداواتها) ومن الكتب التي نسبت اليه كتاب في التشخيص التفريقي وهو( الفرق بين العلل التي تشتبه أسبابها وتختلف أعراضها )،و( رسالة في الزكام وأسبابه وعلاجه)، و( كتاب في نعت الأسباب المولدة للوباء في مصر(. والمتمعن في عناوين الكتب يدرك نزعة تخصصية في تصنيف الامراض لدى اطباء ذلك الزمان ، بل وتعد اولى المحاولات لربط اسباب المرض بالمكان الذي يسري فيه وهو ما يعرف حديثا بالاينديمولوجيا لا سيما عنوان كتابه (نعت الاسباب المولدة للوباء في مصر).
تاريخ الطب في الاندلس 
حقوق الطبع محفوظة: يمنع النقل دون إذن المؤلف
امتدت الحضارة العربية الاسلامية الى الاندلس بعد ان عبر جيش طارق بن زياد البحر الفاصل بين افريقيا واوروبا ليدشن حضارة ازدهرت لقرون عدة ، وازدهرت فيها حقول المعرفة المختلفةلتثمر اطيب الثمار ،وليفوح عبير نهضتها في الافاق .
وكان للطب نصيب في ذلك فقد حمل المسلمون تراثهم الطبي الى هناك ، ليمتزج بما الفوه امامهم من حضارة قوطية متاصلة وبصمات حضارة طبية يونانية وافدة.
فكانت الممارسات الطبية الاولى في الاندلس مزيجا من ذلك كله في البداية ، ثم بدأت روح التجديد تدب في اوصال الحضارة الاندلسية لتبدأ حركة طبية تجديدية قائمة على المشاهدة والتجربة ،فالتدوين ومن ثم نشوء النظريات الخاصة بالزمان والمكان.
وكما هو الهد بالخلفاء في المشرق العربي فقد رفد خلفاء الاندلس التطور الطبي وامدوا القائمين عليه بكل ما يلزمهم بسخاء غير مسبوق ، ولا ادل على ذلك من الخليفة الاموي الاندلسي الناصر لدين الله عبدالرحمن الثالث ، الذي اعتلى عرش الاندلس واقام علاقات ودية مع حكام اوروبا ، حيث يروي المؤرخون قيام (قسطنطين السلبع) امبراطور القسطنطينية باهداء الخليفة المذكور نسخة اغريقية من كتاب (المادة الدوائية) لديسقوريدس، فأرسل اليه الخليفة يطلب ترجمانا يتقن اللغتين العربية والاغريقية ، فارسل اليه الراهب (نيقولاس ) الذي شكل فريقا لترجمة الكتاب في قرطبة ،مسقطا من متنه النباتات الطبية التي لا تنمو في الاندلس ليقوم جيل من العلماء بعد ذلك بالطواف في شتى ارجاء الاندلس بحثا عن نباتات خاصة بالبيئة الاندلسية لتضاف الى الكتاب المذكور ثم لتنبثق عنه دراسات شتى في طب الاعشاب الامر الذي جعله وبحق نواة بحث علمي استمر ردحا من الزمن ليس بالقليل.
وقد برز في هذه الحقبة عدد ليس بقليل من الاطباء منهم داود بن حسان المعروف بابن جلجل الذي عاش في زمن المؤيد بالله وألف عدة كتب تدور حول كتاب المادة الدوائية المذكور منها (تفسير أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس)و( مقالة في ذكر الأدوية التي لم يذكرها ديسقوريدس في كتابه مما يستعمل في صناعة الطبوينتفع به وما لا يستعمل لكيلا يغفل ذكره)حيث علل ابن جلجل إن ديسقوريدس أغفل ذلك ولم يذكره لاسباب مختلفة فإما لأنه لم يره ولم يشاهده عياناً وإما لأن ذلك كان غير مستعمل في زمنه وأبناء جنسه، و( رسالة التبيين فيم غلط فيه بعض المتطبيين).
كما وبرز اسم ابي جعفر الغافقي ، الذي عرف له كتابان ( الادوية )، و ( الادوية المفردة) حيث لخص في الاخير خلاصة خبرة ديسقوريدوس ، وجالينوس ، ومن بعدهما من المتأخرين في الادوية المفردة.
كما ونجد في بلاط الامويين في الفترة المذكورة من اهتم بالطب كالوزير عبدالرحمن اللخمي ، الذي نبغ في مداواة العيون وله كتاب (تدقيق النظر، في علل حاسة البصر و( المغيث) وكتاب (مجربات في الطب)
ومن الاسماءالبارزة الطبية في عهد الامويين الزاهر في الاندلس كذلك أبو القاسم مسلمة بن أحمد المجريطي الذي ولد في مدينة مجريط الاندلسية (مدريد الحالية) والذي نبغ في الطب والفلك والرياضيات والفلسفة والكيمياء والنبات، عرف بامام الرياضيين وامام الكيميائيين وتتلمذ على يده نخبة من علماء الاندلس في العلوم التي نبغ فيها منهم ابو الحكم الكرماني الطبيب الجراح الذي عرف باتقانه للمهارات الجراحية السائدة انذاك كالكي والبتر والشق وغيرها .واحمد ابن يونس الحراني الذي درس الطب في بغداد مع اخيه عمر ثم عاد الى الاندلس وكان مقربا من الخليفة المستنصر .
كما وترك الطبيب محمد بن قاسم الغافقي بصماته على تلك الحقبة الزاهرة حيث ترك كتاب (المرشد في الكحل) يتحدث فيه عن امراض العيون والادوات المستخدمة في علاجها ولا تزال نسخة من هذا الكتاب محفوظة في مكتبة الاسكوربيال باسبانيا الى يومنا هذا.
واللافت للنظر في تلك الحقبة نزوع جيل من الاطباء للتخصص ، او بالاحرى للتأليف في مجال طبي محدد كالكتاب القيم (كتاب خلق الجنين ، والتدبير للحبالى والمولدين) للطبيب الاندلسي عريب بن سعيد الكاتب ، حيث تناول الموضوعات الخاصة بهذا العلم على 15 فصلا هي:
المني نوعه، وسائل تحسينه وتكثيره، أسباب العقم، كيفية التعرف على ما إذا كان الجنين الذي في الرحم ذكراً أو أنثى، لماذا أعضاء الجنين تزيد أو تنقص، الوقت الذي بمكثه في بطن أمه، الذي يحدث في الأيام الأخيرة من الحمل، نظام تغذية الحبالى، العلامات الأولى للمخاض، لسهولة الولادة، نظام تغذية النفساء، وفرة الحليب، الرضاعة، كيفية المحافظة والتوجيه لصحة المولود النمو والتحولات التي تعتريه، التسنين، طريقة علاج اختلالا ته والأسباب التي تحدثها، التدبير الغذائي الذي يجب اتباعه قبل التسنين وبعده حتى سن البلوغ
ومن الطريف ذكره اننا نجد في سيرة بعض اطباء ذلك الزمان اشارة لامراض لم نعرفها الا في العصر الحديث كمرض السيلان ، والاطرف من ذلك ان بعضهم ادرك وقتذاك بالحدس علاقتها بالسلوك الجنسي ، ومثال ذلك ما ذكره ابن ابي اصيبعة في طبقاته عن الطبيب الوزير يحيى بن اسحاق حيث يقول : ( أقبل رجل بدوي على حمار وهو يصيح فأقبل حتى وقف بباب الدار فجعل يتضرع ويقولأدركوني وتكلموا إلى الوزير بخبري إذ خرج إلى صراخ الرجل ومعه جواب كتابه فقال للرجل ما بالك يا هذا فقال له أيها الوزير ورم في إحليلي منعني البول منذ أيامكثيرة وأنا في الموت فقال له اكشف عنه قال فكشف عنه فإذا هو وارم فقال لرجل كانأقبل مع العليل اطلب لي حجراً أملس فطلبه فوجده وأتاه به فقال ضعه في كفك وضع عليهالإحليل قال فقال المخبر لي فلما تمكن إحليل الرجل من الحجر جمع الوزير يده وضربعلى الإحليل ضربة غشي على الرجل منها ثم اندفع الصديد يجري فما استوفى الرجل جريصديد الورم حتى فتح عينيه ثم بال البول في أثر ذلك فقال له اذهب فقد برئت من علتكوأنت رجل عائث واقعت بهيمة في دبرها فصادفت شعيرة من علفها لحجت في عين الإحليل فورم لها وقد خرجت في الصديد فقال له الرجل قد فعلت هذا وأقر بذلك وهذا يدل، فبرغم الاسلوب البدائي الوارد في السلوك العلاجي للطبيب المذكور الا انه يكشف عن فراسة وحدس ونبوغ، كما وعرف عن الوزير المذكور استقصائه لتجارب الاخرين الطبية اذ ذكر المؤرخين انه ام اديرة النصارى سائلا عن تجاربهم في علاج العلل المختلفة.
كما وبرز من الاندلسيين من وظف الشعر لخدمة الطب وكتب الاراجيز ومنهم سعيد بن عبد ربه الذي تميز كذلك انه خدم بطبه العامة ولم يخدم به السلاطين وقد ترك من الكتب:كتاب (الأقراباذين :تعاليق ومجربات في الطب)، و (أرجوزة في الطب)‏. ومن الشعر المنسوب اليه:
‏لما عدمت مؤانساً وجليساً نادمت بقراطاً وجالينوسا
وجعلت كتبهما شفاء تفردي وهماالشفاء لكل جرح يوسا
ووجدت علمهما إذا حصلته يذكي ويحيى للجسوم نفوسا
غير ان ابرز اسماء ذلك العهد ، واكثر الاسماء الطبية خلودا في تاريخ الاندلس بل والاسلام هو الطبيب الجراح ابو القاسم الزهراوي شيخ الجراحين الذي فتح افاقا جديدة في العلاج الجراحي مبنيا على اساس متين من المعرفة الشاملة بالتشريح وعلم وظائف الاعضاء ، وليس الزهراوي مجرد اسم في اسفار التاريخ الطبي بل ظاهرة عبقرية تستحق التامل الامر الذي من اجله سنستفيض في تفاصيل علمه ومؤلفاته لا سيما كتابه الموسوعي: (التصريف لمن عجز عن التأليف).
هو ابو القاسم خلف بن عباس الزهراوي نسبة الى( الزهراء )وهي مدينة صغيرة قرب قرطبة بناها عبد الرحمن الثالث وأطلق عليها اسم محظية له،واتخذ منها ضاحية للحكام في حينه قرب منطقة تمتاز بجمال طبيعتها الخلابة. وكان تعداد قرطبة وقتذاك يناهز المليون نسمة.
وقد عاش في بلاط الخليفة الناصر عبدالرحمن الثالث طبيبا له، وعمر ما يقرب القرن من الزمان، وقد ذاع صيته في اوروبا وقامت على تعاليمه الطبية والجراحية منها بالخصوص مدارس كاملة في فرنسا، وقد درس تراث الاقدمين ونبغ في التشريح ، وعلم وظائف الاعضاء، وقد خالف السابقين في مسائل تشريحية اقرها العلم الحديث فهو مثلا اول من نادى بان الفك السفلي قطعة واحدة لا قطعتين كما نادى الاولون.
وقد سلط الضوء على اهمية اتقان علم التشريح كمقدمة اساسية للجراحة حيث يقول في كتابه (التصريف) : (إن العمل باليد محسنة في بلدنا وفي زماننا معدوم ألبتّة، حتى يكاد يدرس علمه وينقطع أثره ... فرأيت أن أحييه وأؤلف فيه هذه المقالة على طريق الشرح والبيان والاختصار، وأن آتي بصور حدائد الكي وسائر آلات العمل إذ هو من زيادة البيان ومن وكيد ما يحتاج إليه. والسبب الذي لا يوجد صانع محسن بيده في زماننا هذا، لأن صناعة الطب طويلة، وينبغي لصاحبها أن يرتاض قبل ذلك في علم التشريح </font>حتى يقف على منافعالاعضاء وهيئتها ومزاجها واتصالها وانفصالها ومعرفة العظام والاعصاب والعضلات وعددها ومخارجها ، والعروق النوابض والسواكن ومواضع مخارجها ، لأن من لا يعلم بكل هذا من امور التشريح ، لم يأمن الوقوع في خطأ قتل الناس . وقد شاهدت بنفسي كثيرا من اخطاء من تصوروا المعرفة بهذا العلم ، والادعاء به بدون دراية ... ولذلك قال أبقراط : "إن الأطباء بالاسم كثير، وبالفعل قليل، لا سيما في صناعة اليد) .
والجدير بالذكر ان للزهراوي من الابتكارات ما لا يمكن حصره باليجاز : فهو اول من وصف الادوات المستخدمة في الجراحة وصفا دقيقا ، وازدانت برسوماتها صفحات كتابه الذي حوى وصفا لما لا يقل عن 200 الة جراحية استخدمت للشق والبتر والاسنان والولادة وغيرها. كما وتوصل الى طريقة في توسيع المجاري البولية ، وقام باستئصال حصى المثانة عن طريق المهبل لدى الاناث ، كما كان اول من استخدم امعاء الحيوانات لتصنيع خيوط الجراحة الى جانب استخدامه الصوف والحرير لتخييط الجروح، واول من شق الرغامة (تراكيوستوميا) .
وكجراح نابغة فقد اهتم بالتخدير حيث ابتكر ما يسمى بالأسفنجة المخدرة. فكان يضع إسفنجة في مزيج من الحشيش والأفيون والزؤان وست الحسن، ثم يجففها في الشمس، ويعيد ترطيبها لدى الاستعمال، ثم يضعها على أنف المريض، فتمتص الأنسجة المخاطية المواد المخدرة، ويغط المريض في النوم، ما يسهل اجراء الجراحة.
والى جانب نبوغه في الجراحة فقد نبغ كذلك في امراض النساء ، وله في هذا المجال العديد من الابتكارات ، فهو اول من استخدم اللمسة المهبلية لاستكشاف مدى توسع عنق الرحم عند الولادة، واول من قام بقياس الرحم وعنقه، كما الف في التشخيص التفريقي بين الحمل الطبيعي وغير الطبيعي.
وقد نبغ كذلك في الامراض الباطنية ، واشار الى مرض الهيموفيليا (الناعور) وارتباطه بالسباب الوراثية، وسبق زمنه في الالمام باضطرابات النبض لا سيما خارج الانقباضية منها 
وقد ترك تراثيا طبيا زاخرا متمثلا بمؤلفاته التي عرف منها ( المقالة في عمل اليد على فن الجراحة ) وله رسالة في علاقة المريض بالطبيب، غير ان من ابرز كتبه واشهرها كتابه ( التصريف لمن عجز عن التاليف) الذي هو كتاب موسوعي بكل ما تحمله الكلمة من معنى اذ يتألف الكتاب في ثلاثين كتابا اولها يبحث في الكليات ، وثانيها وثالثها في العلل والامراض ثم يتوسع في شرح الادوية المركبة بدءا من الباب الرابع وحتى السابع والعشرين، لينتقل في الثامن والعرون والتاسع والعشرون الى الادوية المفردة، اما الكتاب الثلاثون فيختص بالجراحة ، وقد جاء على ابواب ثلاثة: اولها ويضم 56 فصلا فيتحدث فيه عن العلاج بالكي ، لينتقل في الباب
<الثاني –وهو اكبرها ليتحدث عن علاج الامراض الجراحية في 91 فصلا ، وليختتم بالباب الثالث الذي يتحدث في عن علاج الكسور والخلوع في 35 فصلا.
وما كان لدولة الخلافة الاموية ان تدوم طويلا ، وبافول نجمها تقطعت اوصال الاندلس الى دويلات متناحرة عرفت بملوك الطوائف،تلتها دولة المرابطين فالموحدين وهي مراحل غريبة ، فبرغم ما سادها من تقاتل وتناحر الا ان منزلة العلم لم تتأثر بذلك ، ولا مكانة العلماء لدى الامراء ، ويندرج وضع الطب تحت نفس المفهوم ذاته ، حيث برز في وقتذاك عدد من الاطباء ،نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:اسرة زهر الاندلسية.
وقد برز من ابناء هذه الاسرة ابو مروان بن زهر الاشبيلي الذي درس الطب في المشرق، وتحديدا في مصر والقيروان ثم عاد بعلمه الى الاندلس ليشتهر كأجد امهر الاطباء و لينال حظوة عند السلطان.
ملاحظة: هنالك مراجع عدة لهذا الكتاب الرقمي بلا شك سيتم عرضها في نهايته ومنها الورقي والرقمي.

هناك 3 تعليقات:

  1. اذا سمحت احتاج مصادر لهذه المقالة.
    شكرا

    ردحذف
    الردود
    1. مرحبا جميعا،
      اسمي السيد أبي توماس. اعيش في البحرين وانا رجل سعيد اليوم؟ وقلت لنفسي إن أي مقرض ينقذني وعائلتي من وضعنا السيئ ، سأحيل أي شخص يبحث عن قرض له ، لقد أسعدني ولعائلتي ، كنت بحاجة إلى قرض بقيمة 300 ألف دولار لأبدأ حياتي كلها لأنني أب أعزب ولدي طفلين ، قابلت هذا المقرض الصادق والخوف من الله الذي ساعدني في الحصول على قرض بقيمة 300000.00 دولار ، فهو رجل يخشى الله ، إذا كنت بحاجة إلى قرض وأنت سوف يسدد القرض ، يرجى الاتصال به وأخبره أن (السيد أبي توماس) يحيلك إليه تواصل مع السيد محمد كرين عبر البريد الإلكتروني: (arabloanfirmserves@gmail.com)


      استمارة معلومات طلب القرض
      الاسم الأول......
      الاسم الوسطى.....
      2) الجنس: .........
      3) مبلغ القرض المطلوب: .........
      4) مدة القرض: .........
      5) الدولة: .........
      6) عنوان المنزل: .........
      7) رقم الجوال: .........
      8) عنوان البريد الإلكتروني ..........
      9) الدخل الشهري: .....................
      10) المهنة: ...........................
      11) ما هو الموقع الذي اتصلت به هنا عنا .....................
      شكرا مع اطيب التحيات.
      Email arabloanfirmserves@gmail.com


      حذف
  2. السلام عليكم، اقتبست عدة جمل من مقالك و ذكرت المصدر رابط هذه المقالة
    شكرا على هذا الموضوع الثري، كنت انتظر الرد سابقا، فالمعذرة على الاقتباس دون الحصول على الاذن ولكن وضعت رابط المقالة

    ردحذف