الثلاثاء، 9 أبريل 2013

يعقوب هينلي - صاحب العروة

يعقوب هينلي صاحب العروة



لا يخفى على كلِّ دارسٍ لعلم وظائف الأعضاء ما للأطباء الألمان من بصماتٍ بارزة في تجلية هذا العلم الخاص بالكلية تحديداً ، وسنركز في هذه المقالة على أحد أبرز هؤلاء وهو العالم الكبير (فريدريك غوستاف يعقوب هينلي) الذي اكتشف العروة المسماة باسمه ، والتي لها دورٌ بارز في أهم وظائف الكلية . 
( يعقوب هينلي) الذي شكَّلَ اكتشافهُ للعروة النبيبية التي حملت اسمه ( عروة هينلي) فتحاً جديداً في العلوم الطبية أزال الضبابية عن آليات عمل الكلية التي لا تقوم للكائن البشري حياة على هذا الكوكب دونها، الأمر الذي يحتم علينا أن نسلط ولو قليلاً من الضوء على حياتهِ الزاخرة بالعطاء العلمي.
وقد طفقت بحثاً في الشبكة العنكبوتية عن مزيد مراجعٍ بالانجليزية تساعدني في الكشف عن جلّ الاكتشافات التي أثرى بها العالم المذكور تراثنا الطبي الا أني لم أجد الا مقالاتٍ متفرقة هنا وهناك فاعتمدها مرجعاً لمقالي هذا. 
ولد الطبيب ، عالم التشريح ،عالم وظائف الأعضاء ،  وعالم الأمراض الألماني (يعقوب هينلي) في فيرث بمحافظة بافاريا الألمانية لوالدين يهوديين( اعتنقا المسيحية فيما بعد)  في التاسع من تموز عام 1809، وقد تلقى تعليمه الأولي في المنزل على يد معلم خاص ، وكان متجهاً في البداية لتعلم اللغات ، ويذكر أنه كان رساماً جيداً وموسيقاراً موهوباً  .
نشير أنه عاني في شبابه بشدة من اصابته بالتهاب الأنسجة المحيطة بالعظم بيد أنه شفي منه رغم تكرار نوبات المرض.
بعد اعتناق والديه المسيحية  أراد في البداية أن يدرس الكهنوت بيد أن لقاءه بمولير صدفة في حفلٍ موسيقي غيّر مسار حياته. ودرس الطب في ( هيديلبيرغ) ثم في بون حيث تخرج عام 1832 ، ليعمل مساعداً تشريحياً للعالم الألماني جوهانز مولير في برلين ،فكان من أكثر تلامذة مولير قرباً منه، ويذكر أن مشروع تخرجه كان عن أغشية بؤبؤ العين والأوعية الدموية داخل العين.
وسيرة حياة هذا الرجل تكشف عن سعة أفقه وأي أساسٍ وضع للعلوم الطبية الحديثة ، فهو أول من شق الطريق لظهور علم الخلية وأول من درس الأنسجة الحيوية بكثافة مستخدماً المجهر المكبر فكان كما يصفه المؤلفون أهم عالم أنسجة حيوية في زمنه ، وأشهر علماء التشريح وخاصة في حقل التشريح المجهري ، حيث سطع نجمه في هذا الحقل بمقدار ما سطع نجم الفاضل (أندرياس فيزاليوس) في التشريح العياني. وخلال 6 أعوام من عمله مع مولير قام بنشر عدد من الأعمال القيمة بما فيها ثلاث مصورات تشريحية لأنواع جديدة من الحيوانات ، بالاضافة لنشره عدة أبحاث علمية متعلقة بالجهاز الليمفاوي ، وتوزيع الخلايا الظهارية في الجسم ، وتركيب وتطور الشعر وتكون المخاط والصديد.
كان ( هينلي ) ناشطاً سياسياً أيضاً ، وقبل ذلك ناشطاً طلابيا ، وقد تعرض للسجن مرتين لنشاطاته السياسية ، وخسر منصبه الوظيفي وكاد يحكم بالسجن 6 سنوات ، بيد أنه تلقى اعتذاراً فيما بعد وأعيد اليه منصبه.
وفي العام 1840قبل رئاسة قسم التشريح في زيوريخ، وهناك أصدر كتابه الأهم الذي منحه شهرة عالمية ، الا وهو كتاب ( التشريح العام) والذي يعتبر أول كتاب من نوعه في علم الأنسجة ، وتعود شهرة الكتاب الى أسباب عدة من بينها اقراره لنظرية شلايدِن وشوان حديثة الظهور آنذاك ، والثاني تتبعه لآخر ما استجد من المعطيات العلمية في ذلك الحقل.
وفي زيورخ تزوج زوجته الأولى ( إليس) التي ماتت بعد سنتين من زواجهما بمرض السل بعد أن أنجبت له ولداً وبنتاً ، فتزوج بعد ذلك بسنوات زوجته الثانية التي أنجبت له 4 بنات وابناً . ، وقد تم استدعاؤه بعدذلك الى هيديلبيرغ حيث قام بتدريس التشريح وعلم وظائف الأعضاء وعلم الأمراض ، وفي هذا الأثناء انغمس في العمل في الجهاز التشريحي الكامل الذي صاغه في المجلد السادس من الطبعة الجديدة - آنذاك- من ( مقالات صموئيل توماس فون سومرينج) والتي نشرت في الفترة من 1841- 1844 ، ونشر أثناء وجوده في هيديلبرغ مصوره الحيواني حول أسماك القرش مع أستاذه مولير ، أصدر في العام 1846 كتابه الشهير ( الدليل العقلاني لعلم الأمراض) والذي افتتح به عهداً جديداً في علم الأمراض حيث اعتبر في الكتاب المذكور علمي الأمراض ووظائف الأعضاء فرعين لعلمٍ واحد ، وجلى خلاله حقيقة أن المرض يجب أن ينظر اليه من خلال العلائق الفسيولوجية كمرجعية ، وكان أول كتابٍ من نوعه يستعرض فيه المرض مقارناً اياه بالوضع الفسيولوجي قبل نشوء المرض وتأثيره على الأنسجة والأعضاء والجسم عموماً.
وفي العام 1852، رحل الى (غوتنغن) ) حيث أصدر بعد ذلك بثلاث سنوات كتابه العظيم (( تشريح أجهزة جسم الانسان) والذي تأخر صدور المجلد الأخير منه حتى عام 1873 ، وكان كتابه ذاك الكتاب الأكثر شمولا وكمالاً للتشريح في زمنه ، ولم يعد ذلك فقط الى الوصف التام والدقيق للأعضاء ، بل والى العدد الكبير للرسوم المميزة التي ألقى من خلالها الضوء على التركيب الدقيق للأوعية الدموية ، والأغشية المخاطية والعين والأظافر ، والجهاز العصبي المركزي .
،وأهم ما قدمه (هينلي) للتراث العلمي اكتشافه لعروة (هنلي) في الكلية وللنبيبات الكلوية . بيد أن اكتشافاته في علم التشريح وعلم الأمراض أوسع من أن تذكر في هذه الخلاصة ، ويكفي أن نشير الى كونهِ أحد أهم من نظّروا الى دور الكائنات الدقيقة في احداث المريض ، وهو أساسٌ بنى عليه من بعده تلميذه العالم العظيم ( روبرت كوخ) .
ولهنلي من الاكتشافات التشريحية وغيرها في حقل علم الأمراض الكثير فهو مكتشف جيوب هنلي في لحمية العين ، ونتوء هينلي  في منطقة الصدغ ،واكتشف ثنيات الأمعاء ، كما ساهم في اكتشاف أجسام هاسال-هينلي في غشاء العين ، والنسيج الضام بين الألياف العضلية للقلب ، وأمبولة البوق الرحمي ( أمبولة هينلي) ، والطبقة الخارجية من طبقات جذر الشعر ( طبقة هينلي) ، ورباط هنلي والذي هو وتر للعضلة البطنية العرضية ، وغيرها.
والى جانب نشاطه العلمي كان شاعراً رقيقاً وموسيقاراً جيداً وقد رحب عدة مرات باقامة كونسيرت في منزله وله دائرة واسعة من الاصدقاء ومحبوباً بين طلابه.

كان هينلي عضواً ، او عضواً فخرياً او عضواً اجنبياً في عدة جمعيات علمية ،وقد اختير عام 1870 عضواً أجنبياً في جمعية العلوم الملكية السويدية ، وقد توفي عام 1885 بالسرطان .

هناك 5 تعليقات:

  1. جزاك الله خيرا.... لكن احتاج ترجمة:
    صدغ : ؟
    الخلايا الظهارية : ؟
    لحمية العين : ؟

    ردحذف
  2. شكراً لاهتمامك ، واليك الترجمة
    صدغ mastoid
    الخلايا الظهارية: epithelial cells
    لحمية العين: conjunctiva

    ردحذف
  3. بوركت دكتور
    سيرة رائعة ، وما يثير الإعجاب أنه تعرض لمصاعب لكنه لم يقف مكتوف الأيدي بل صنع درب نجاحه بيده وتحدى كل الصعاب .
    شكرا مجددا دكتور على مجهودك

    ردحذف
  4. العفو- واتمنى ان اراك يوما ضمن العظماء الذين يثرون التراث الطبي- اثق انك ستكون واتمنى ان يمتد بي العمر لارصد دورك تاريخيا - خالص تقديري

    ردحذف
  5. إن شاء الله يا دكتور بكون عند حسن ظنك
    احترامي ومحبتي

    ردحذف