السبت، 28 ديسمبر 2013

سبب جديد للهرم قابل للانعكاس

سبب جديد للهرم قابل للانعكاس : مركب طبيعي يعكس جوانب الموت المتصل بالهرم لدى الفئران
ترجمة واعداد: د.عبدالرحمن أقرع / المحاضر في علم وظائف الأعضاء وتاريخ الطب
جامعة النجاح الوطنية- فلسطين
-----------------------------
  البروفيسور ديفيد سينكلير
آنا غلومز
في جوهر هذا الاكتشاف تقع مجموعة من الظواهر الجزيئية التي تمكن لتواصلٍ داخل الخلية بين النواة والميتوكوندريا ، وعندما يتوقف هذا التواصل يحدث الهرم ، وباعطاء جزيء ينتج طبيعياً في جسم الانسان فان التواصل المذكور يسترد ، وقد تمكن العلماء من استرداد التواصل المذكور في الفئران الهرمة عبر اعطاء الجزيء المنتج طبيعياً لدى الانسان .  وقد أظهرت العينات النسيجية التابعة للحدث وسمات بيولوجية مفتاحية عند مقارنتها بالأنسجة التي تعود للفئران الأكثر شباباً.
ويقول استاذ الجينات في جامعة هارفارد الطبية البروفيسور ديفيد سينكلير ، والمؤلف الاساسي في الدراسة ذات الصلة : ( عملية التقدم في العمر كزوجين شابين ، في شبابهما يتواصلان بشكل جيد ولكن مع مرور الزمن وعيشهما في في حيز قريب فان التواصل يتلاشى ، وتماما كما لدى الزوجين فان استعادة التواصل كفيل بحل المشكلة ).
وقد نشرت الدراسة في عدد 19.12.2013 من مجلة ذا سيل (الخلية ) العالمية المرموقة كجهد مشترك لجامعة هارفارد -كلية الطب ، والمعهد الوطني لدراسات الهرم ، وجامعة (نيو ساوث ويلز ) في سيدني باستراليا.
* اضمحلال التواصل :
تعتبر المايتوكندريا بيت الطاقة للخلية التي تحرر الطاقة الكيماوية اللازمة لتغطية الوظائف الحيوية الاساسية للخلية . وهي جسيم يعيش داخل الخلية ويحوي جينومه الخاص ، واعتبرت لاعباً رئيساً في موضوع الهرم اذ مع مرور الزمن تصبح غير فاعلة ويسبب ذلك الامراض فالالزهايمر مثلا وبعض اشكال مرض السكر ناجمة عن تراجع الفاعلية الوظيفية للميتوكوندريا.
لقد ظل العلماء لزمن طويل مشككين في فكرة امكانية عكس الهرم ، وذلك لهيمنة النظرية القائلة ان الامراض ذات الصلة بالهرم تنتج عن طفرات في DNA الميتوكوندريا ، والطفرات لا يمكن عكسها.
وقد عكف (سينكلير) وفريقه على دراسة الهرم والذي عرِّف عموماً كقصور في الوظيفة مع الزمن ، وقد تم التركيز لسنواتٍ طويلة على مجموعة جينات تدعى (سيرتوينات ) واظهرت الدراسات السابقة من مختبر الفريق ان احد هذه الجينات ويدعى (سيرت-1)SIRT1 تم تنشيطه بمركب يدعى ريسفيراتول والموجود في العنب والنبيذ وبعض الجوزيات .
وقامت احدى أعضاء فريق سينكلير وتدعى (آنا غومز) بدراسة على الفئران التي نزع منها الجين (سيرت-1 ) والتي من المتوقع ان تظهر علامات الشيخوخة عليها بما فيها قصور في عمل الميتوكوندريا ، فكانت مفاجأة الفريق ان معظم بروتينات المايتوكوندريا القادمة من النواة كانت في مستوياتها الطبيعية ، وفقط تلك التي يتم املاؤها من قبل جينوم المايتوكندريا كانت منخفضة المستوى، وكان ذلك شاذاً عما تحدثت به النظريات كما تقول غومز .
وعندها استثمرت غومز وزملاؤها سبباً قوياُ ليقوموا باكتشاف  سلسلة مستعصية من الظواهر بدأت بمادة كيماوية تدعى NAD وانتهت بجزيء مفتاحي يقوم بنقل المعلومات وتنسيق الأنشطة بين جينوم النواة وجينوم المايتوكوندريا ، وأن الخلايا تظل معافاةً ما فتئ والتنسيق جارياً بين الجينومين.
ودور (سيرت-1) هو دور وسيط شبيه بدور الحارس الامني يضمن عدم تدخل جزي فضولي يدعى (هيف-1 ) HIF-1في التواصل ، ولسببٍ غير معروفٍ بعد فاننا عندما يتقدم بنا العمر يقل مستوى المادة الكيماوية الاولية NAD والذي بدون كمية كافية منه يفقد (سيرت-1) هيمنته على (هيف-1) فترتفع مستويات الاخير مما يشفي غليله في تدمير التزاصل الدقيق بين الجينومين مما ييقلل من مقدرة الخلايا على انتاج الطاقة وتبدأ علامات المرض والهرم بالظهور .
وتقول غومز : هذا الجزء من عملية الهرم لم يتم الكشف عنه من قبل ، وبينما يتسبب وقف التواصل في قصور سريع لوظائف الميتوكوندريا فان بعض علامات الهرم الاخرى تاخذ وقتا اطولاً للحدوث ، واكتشفت غومز ان ادخال مركب ذاتي تقوم الخلية بتحويله الى NAD  قد يصلح شبكة الاتصالات وتسترد التواصل وتسترد وظائف المايتوكندريا، وان هذا المركب اذا اعطي مبكراً قبل تراكم الطفرات - اي خلال ايام- فان بعض الجوانب في عملية الهرم يمكن استردادها.
ولحسن حظ الفريق فان دراسة عضلات فئر بعمر عامين قد مكنهم من اكتشاف المركب المنتج للـ NAD في ظرف اسبوعين ، وبدأ الباحثون البحث عن مؤشرات لممانعة الانسولين والالتهاب والاضمحلال العضلي وفي الحالات الثلاثة وجدوا ان الانسجة من فئر ذي 6 اشهر تشبه تلك لذي الـ 3 اشهر ( مقارنة بالانسان كالمقارنة بين ابن الستين وابن العشرين )
وأهم ما تم كشفه أن الـ (هيف-1) ليس مجرد جزيء يفسد شبكة الاتصالات بل وجد أيضاً أنه يعمل عندما يحرم الجسم من الاكسجين والا فانه يظل صامتا خاملاً ،كما وثبت ان السرطان ينشط الـ (هيف-1) فبدأوا بدراسة دوره في النمو السرطاني.
وتضيف غومز قائلة : ( من الاهمية بمكان الادراك أن الجزيء اللاعب دوراً أساسياً في الهرم هو ذاته الذي يلعب دورا اساسيا في السرطان ، ومن ثم بدانا نرى ان فسيولوجيا السرطان شبيهة بفسيولوجيا الهرم وهذا ربما يفسر لنا كون الهرم من عوامل الاخطار الخاصة بالسرطانات.
ويقول سينكلير: ( لا شك أن المزيد من العمل ينبغي فعله هنا ، ولكن تثبيت هذه النتائج تظهر أن العديد من جوانب الهرم سيمكن عكسها اذا كشفت مبكراً).
ويبحث العلماء الان عن المفعول الطويل الامد للمركب المنتج للـ NAD في الفئران وكيف سيؤثر على الفأر عموما وهل سيمكن استخدامه بسلام لعلاج امراض الميتوكوندريا وامراض اخرى بما فيها السكر من النوعين الاول والثاني ، ويخطط سينكلر في الخطوة المقبلة لمعرفة فيم اذا كان هذا المركب سيمنح الفئران عمراً اطول واكثر عافية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق